تحديثات الأخبار

نزح اكثر من مئة الف فلسطيني من غزة الى مصر بسبب الحرب الأخيرة على غزة والتي اطلق عليها اسم طوفان الأقصى او 7 أكتوبر , ومن بين النازحين هناك ام تدعى ايمان (اسم مستعار ) , هربت ايمان مع اطفالها الى مصر دون حصولها على إقامة مما يجعلها في خوف مستمر وفي قلق دائم  حول ما يجري في بلدها وما يخبئه المستقبل  لها ولاطفالها في بلد جديدة وكما ان حلم العودة لا يفارقها .

في الماضي كانت ايمان (اسم مستعار) تحب صوت بحر غزة وصوت امواجه . كان بحر غزة في ثبات امواجه وشمسه ينسي ايمان مصاعب الحياة وهمومها اليومية . 

وتقول عندما كنت اشعر بالحزب او الغضب كنت اذهب الى البحر واشعر انني كنت اتقاسم همومي معه  وتقول : أتمنى رؤية صديقي العزيز بحر غزة مجددا .

ولكن حتى البحر في هذه الحرب فقد برائته وأصبح أصم  شاهدا على الموت واليأس والبؤس  والدمار الذي تعيشه غزة.

في القاهرة ..... تعيش ايمان (اسم مستعار ) حيث اصبح البحر مجرد ذكرى , حيث تعد القاهرة مدينة مزدحمة وتعج بالمباني التي لا تنطفئ اضوائها , وبالرغم من ذلك تشعر ايمان بانها مجهولة وغريبة وتشعر بالضيق المستمر والحياة اليومية تحبس أنفاسها  .

القاهرة ....مخاوف جديد وهروب مكلف جدا :

تعيش ايمان البالغة من العمر31 عاما في القاهرة مع اطفالها منذ ستة اشهر , وقد كانت حامل بطفلها الأصغر عندما هربت بصحبة ابنتها وابنها من الحرب في غزة التي وصفتها بانها أشرس حرب على غزة من بين كل  الحروب السابقة  الي تعرضت لها  غزة من قبل .

نزحت ايمان اكثر من مرة مع عائلتها من خيمة الى خيمة داخل غزة وكان ختامها خيمة على شاطى بحر غزة قبل دخولها مصر .

تقول ايمان بالرغم من سني الا اني رايت الكثير من الموت والبؤس والياس في حياتي .

في مصر (القاهرة ) كانت هموم جديدة تنتظر ايمان حيث طردت ايمان من اول شقة سكنية بسبب خوف صاحبة الشقة من التعرض للمسائلة من السلطات المصرية لانها قامت بتاجير شقتها لنازحة فلسطينية .

بالنسبة لايمان  التي كانت تعمل كمذيعة راديو سابقا، كان ذلك صفعة جديدة  لها ذكرتها بعدم الشعور بالأمان في رحلة النزوح. فذكريات معاناتها وما مرت به في غزة تلاحقها في القاهرة أيضا كل ليلة. 

وإضافة إلى ذلك  تقول ايمان : "كان علي أن أترك زوجي هناك لأن المال لم يكن يكفي لسفره هو أيضا معنا"، حيث جمعت العائلة 5 آلاف دولار من تبرعات أقاربها في الخارج لتغطية نفقات السفر إلى مصر.

وفيما تم السماح لآلاف المرضى والجرحى بالسفر إلى مصر وتلقي العلاج في مستشفيات القاهرة، خرج كثيرون أيضا من غزة بمساعدة البعثات الدبلوماسية الأجنبية أو عن طريق شركات سفر مصرية.

شركات السفر كانت تطلب "رسوم تنسيق" عالية ومكلفة جدا، لمساعدة الفلسطينيين على الخروج من غزة. وتشير تقارير إلى أن هذه الشركات لها علاقة بأجهزة الأمن المصرية، ولكنها تنفي ذلك.

الفلسطينيون ووضعهم في مصر ...

من غير الواضح كم هو عدد الفلسطينيين الذين استطاعوا الخروج من غزة والبقاء في مصر. في بداية شهر مايو/ أيار الماضي، قدر السفير الفلسطيني في مصر، دياب اللوح، عدد هؤلاء بنحو 100 ألف شخص. لكن عمال الإغاثة يقدرون العدد بأكبر من ذلك بكثير. وقد تم إغلاق معبر رفح بين غزة ومصر في السابع من مايو/ أيار بعد سيطرة إسرائيل على تلك المنطقة. وتشعر ايمان  الآن بقلق كبير حول زوجها وماذا سيحدث في بلدها .

معظم الذين خرجوا من قطاع غزة، باستثناء الجرحى، غادروه بموجب تأشيرة سياحية، انقضت مدتها ويقيمون الآن بشكل غير قانوني في مصر، وهو ما يحرمهم من المعالجة في المستشفيات الحكومية والخدمات العامة الأخرى ويحرم أبناءهم من التعليم في المدارس الحكومية.

كما أنهم محرومون من مساعدات المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، لأنهم ليسوا ضمن ولاية هذه المنظمة؛ ورغم أن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) مسؤولة عنهم، فإنهم لا يتلقون منها أي مساعدات، لأن الأونروا ليس لديها تفويض في مصر. وبالتالي فإنهم يعتمدون على المجموعات المدنية التطوعية، التي توزع عليهم المواد الغذائية والملابس والأحذية وتساعدهم في البحث عن عمل وجمع التبرعات لهم.

وحسب تحليل لمجموعة الأزمات تشكل الحرب في غزة تحديا كبيرا لمصر. ويشعر النظام المصري بالقلق، من أن يؤدي الغضب الشعبي من تصرفات إسرائيل في قطاع غزة إلى احتجاجات ضد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة في مصر. ففي مارس/ آذار الماضي تم إلقاء القبض على عشرات المتظاهرين ضد التضخم والغلاء والفقر.

السلطات المصرية لا تريد أن يبقى الفلسطينيون من غزة ولا أن يعيشوا بشكل دائم في مصر. وحسب تحليل مجموعة الأزمات، تخشى مصر ألا تسمح إسرائيل بعودة الفلسطينيين إلى قطاع غزة. وايمان لا تريد التفكير فيما إذا كانت ستعود يوما ما إلى غزة أم لا، وتقول "الأسابيع الأولى هنا في القاهرة كانت صعبة جدا، لكن فيما بعد تعرفت على ميفي".

ميفي (اسم مستعار أيضا) واحدة من الأشخاص الذين تعرفت عليهم ايمان وغيروا حياتها. ميفي ألمانية الأصل وهي تعيش في مصر منذ نحو عقدين، حيث أصبحت وطنها ولديها شبكة علاقات واسعة في القاهرة. إنها تشعر بالعطف على ايمان والنساء اللواتي ارغمن على ترك وطنهن والنزوح إلى بلد آخر.

وهي تتذكر جيدا كيف لفتت ايمان نظرها حين كانت في نزهة بصحبة أخت زوجها، التي هربت قبلها إلى القاهرة. وتقول ميفي "لاحظت كم هي نحيفة وشاحبة، وكان واضحا أنها حامل. وبالكاد كانت تتكلم، لكن رغم ذلك دعتني إلى العشاء فيما بعد. لقد كان لقاء هادئا، لكن كان واضحا بالنسبة لي: إنها بحاجة للدعم والمساندة".

بدأت السيدتان في دعم بعضهما. "إنها إنسانة جيدة وطيبة"، تقول ايمان عن ميفي شاكرة إياها من أعماق قلبها، وتضيف "لم تصحبني حتى ولادة طفلي فقط، وإنما كانت تؤمن االغذاء لنا أيضا. إنها تساعد أطفالي في كل شيء. بفضلها يستطيع أطفالي أن يصبحوا أطفالا هنا في القاهرة".

عمر ابنة ايمان الكبرى 6 أعوام، وابنها 4 أعوام، وابنها الرضيع الذي ولد في القاهرة أكمل عقد الأسرة التي تعيش على أمل مستقبل آمن في الغربة. في أصعب لحظاتها، حين تطارد ذكريات غزة ايمان ليلا وتعود إليها المخاوف، تقف ميفي إلى جانبها.

بالنسبة إلى ميفي، فإن هذا الشكل من المساعدة ليس مشروعا خيريا، وإنما مبدأ للتضامن. وتقول : "المساعدة المتبادلة، هي نوع آخر من المساعدة" .

حين كانت ميفي  في ألمانيا ساعدت اللاجئين أيضا واعتنت بالعائلات وملأت  البيانات و الاستمارات. لكن اللقاء مع ايمان  والتعرف عليها، له معنى خاص بالنسبة إليها. إنها تشعر معها بالقوة والفخر الذي يتمتع به الناس من غزة رغم كل ما يواجهونه من معاناة والام الفقد وغيرها من الاوجاع التي لايمكن ان تنسى . وتقول "ايمان  تقول دائما إنها فلسطينية ابنة غزة. وهي فخورة بذلك".

لا حقوق ولا مدرسة ولا عمل!

 

ومع ذلك، فإن الوضع القانوني في القاهرة صعب بالنسبة لايمان  والفلسطينيات والفلسطينيين الآخرين من غزة. فبدون تصريح الإقامة تبقى الكثير من الأبواب مغلقة في وجه ايمان , فلا يسمح لأطفالها بالدخول إلى المدرسة ولا يسمح لها بالعمل.

وطفلتها الكبرى تريد التسجيل في المدرسة، وهو ما كانت تأمل أن تحصل عليه في غزة أيضا. "في غزة كنت أعرف كل شيء وكل شخص، والكل كان مستعدا للمساعدة"، تقول ايمان  وتضيف "المصريون أناس رائعون، لكن الحكومة لا تريدنا".

 

تقول ايمان (غزة هي قلبي )،  حيث افتقد الى شوارعها وأناسها وأماكنها ، وتقول بصوت ضعيف "أحب غزة، أحب فلسطين" وتتابع "لا أعرف ما إذا كان بيتي لا يزال قائما وموجودا لكن لا يفارقني الخوف من تجدد الحرب هناك وأن يتعرض أبنائي للخطر". ايمان  لا ترى أن لها مستقبل في غزة الآن.

غزة بالنسبة إليها مثل حب ممنوع، مكان يعود إليها ويخصها، لكنه بعيد لا تستطيع الوصول إليه. إنها تحلم بالعودة "لكن فقط حين يكون الوضع آمنا".

في مصر وجدت ايمان لحظة أمان وسلام، حين رافقت ميفي في رحلة إلى عين السخنة على البحر الأحمر. "استطعت أن أتقاسم همومي مع البحر من جديد" تقول ايمان عن تلك اللحظة.

 

وميفي تتفهم شوق وحنين ايمان لذكرياتها الى غزة ويذكرها ذلك بمعاناة الكثير من النازحين، وتقول "لم يكن هناك أي شيء لدى الناس، ولا حتى ملابس داخلية" والمساعدة بالنسبة إليها مسألة نابعة من القلب. ولكن فيما إذا كانت ايمان ستبقى بشكل دائم في القاهرة فإنها لا تعرف. فدائما تأمل ايمان  أن ترى البحر في غزة مجددا.