هبة الفرا… جسد أنهكته الحرب ووجدان أنهكه الانتظار
هبة الفرا، ناشطة بيئية فلسطينية من أصل ليبي، نشأت في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، درست الأدب العربي، وحلمت أن تصبح معلمة للأطفال، مؤمنة بأن اللغة العربية سلاح يحفظ الهوية ويقاوم النسيان، لكن حياتها اليومية لم تكن سهلة؛ فقد عاشت وسط حصار متواصل، ونقص دائم في المياه والكهرباء، إضافة إلى معاناتها من مرض قلبي تطلّب متابعة طبية وأدوية نادرة الوجود في غزة. ورغم ذلك، تمسكت بالأمل وتعايشت مع الألم.
مأساة يوم الحرب
في أكتوبر 2023، تعرضت غرفة نزحت إليها هبة مع عائلتها لقصف مباشر، أسفر عن استشهاد والدها وأربعة من إخوتها وابنة شقيقتها وزوجة شقيقها، وأصيبت هبة بجروح في يدها وظهرها وساقها، بينما أصيبت والدتها بجروح خطيرة، حاولت إنقاذ والدتها بعد سماع صراخها، لكنها تعرضت لإطلاق نار أصاب كتفها، وبمساعدة ابنة شقيقتها، ركضت مسافة نصف كيلومتر بحثًا عن النجاة، بينما بقيت بقية العائلة تحت الأنقاض.
النزوح المتكرر والمعاناة المستمرة
اضطرت هبة وأسرتها للنزوح سبع مرات داخل قطاع غزة، من خان يونس إلى رفح، مرورًا بمناطق أخرى. في نزوحهم الأخير، استهدفت قوات الاحتلال خيمتهم بالدبابات، ما أدى إلى استشهاد سبعة من أفراد العائلة، بينهم والدها وأشقاؤها.
نُقلت هبة ووالدتها إلى مستشفى شهداء الأقصى للعلاج، لكنها لا تزال تعاني من الألم الحاد ونقص الأدوية، إضافة إلى غياب الكهرباء والإنترنت الذي حرمها من متابعة نشاطها الإعلامي عبر منصات التواصل الاجتماعي.
الوضع الحالي لهبة الفرا
الإقامة والمعاناة الصحية حيث تعيش هبة حاليًا في رفح داخل خيمة مؤقتة مع تسعة من أفراد أسرتها، بينهم ذوو احتياجات خاصة. تعاني من إصابات جسدية خطيرة، إضافة إلى إصابتها بفيروس الكبد الوبائي، كما أنها تعاني من الآثار النفسة والمادية، حين فقدت معظم أفراد أسرتها في القصف، وتتكفل اليوم برعاية أطفال ومرضى رغم عجزها عن العمل، كما أنها توقفت تمامًا عن نشاطها عبر "إنستغرام" و"تيك توك" بسبب انقطاع الكهرباء والإنترنت وفقدان القدرة على إنتاج المحتوى.
و تناشد الفرا العالم والمجتمع الدولي بإنهاء ما تصفه بـ"حرب الإبادة الإسرائيلية"، وتؤكد حاجتهم الماسة إلى الغذاء والدواء والماء والملابس، وإلى حياة آمنة وكريمة.
الأمل وسط الألم
قصة هبة الفرا تجسد معاناة آلاف الفلسطينيين الذين فقدوا بيوتهم وأحباءهم تحت القصف، هي شهادة حية على عجز النظام الإنساني الدولي، ورسالة تضع العالم أمام سؤال مصيري، إلى متى يبقى الفلسطيني بلا وطن وبلا حق في الحياة؟