بين صمت القصف ونبض الحقيقة: يوميات الصحفي في غزة
في قلب المباني المدمرة، حيث يقف الغبار شاهدًا على المآسي، يمارس الصحفي في غزة عمله وسط الخطر والجوع والإرهاق، الكاميرا لا تُغلق، والخبر لا يتوقف، لكنه يدفع ثمن الحقيقة بسلامته وحياته. وبينما تُرفع شعارات "حرية الصحافة" في المؤتمرات الدولية، يترك الصحفيون في مناطق النزاع وحدهم أمام الموت، مأساة الصحفي الغزّي ليست استثناءً، بل انعكاس لغياب الإرادة الدولية في تنفيذ القوانين الموقعة على الورق.
ضربات تُغفلها العدالة
لا يواجه الصحفي في غزة الصواريخ فقط، بل صراعًا يوميًا مع الجوع والإرهاق والخوف، فالقوانين الدولية تؤكد أن الصحفيين مدنيون ويجب حمايتهم ما لم يشاركوا مباشرة في القتال، ومع ذلك، يتكرر استهدافهم المباشر وغير المباشر دون محاسبة، وكأن النصوص مجرد شعارات بلا فعل.
الإرهاق: العدو الخفي
العمل الصحفي هنا لا يعرف ساعات عمل أو حدودًا زمنية، والكاميرا على الكتف، الهاتف لا يتوقف، والرسائل العائلية تحاول طمأنة قلب يعرف أن كل لحظة قد تكون الأخيرة، الإرهاق الجسدي يتشابك مع النفسي، فيظل الصحفي على حافة الانهيار وهو يتنقل بين مشاهد إنسانية دامعة وأخرى دامية.
الجوع يتجاوز الطعام
الجوع ليس للطعام فقط، بل للحقوق، للعدالة، وللتقدير الإنساني، الصحفي في غزة جائع لاعتراف حقيقي بدوره، ولعدالة تُنصف كلمته وصورته قبل أن تُنصر الجريمة.
الرعب اليومي
لا يختفي الخوف مع الليل، بل يلاحق الصحفي في أحلامه، ومع كل قصف قريب، يتردد السؤال القاسي: هل سأكتب عن البطولة غدًا، أم أكون أحد الضحايا؟ بين الشهادة المهنية والموت، يظل الصحفي يكتب ما قد تكون كلماته الأخيرة.
الواجب أقوى من الخوف
رغم الجوع والرعب والإرهاق، يدفعهم الواجب المهني إلى الاستمرار، فالصورة التي تُنقل، والكلمة التي تُكتب، ليست شجاعة مقصودة، بل التزام بمهنة اختاروها، حتى لو كان الثمن حياتهم.
ازدواجية المعايير الدولية
لا تكمن المشكلة في العجز الدولي فحسب، بل في ازدواجية المعايير، ففي حين يُسارع العالم للتحرك عند استهداف صحفيين في بعض الدول، يغيب الرد حين يتعلق الأمر بفلسطين، هذا التناقض لا يهدد حياة الصحفيين فقط، بل يقوض مصداقية المنظمات الأممية.
من يتحمل المسؤولية؟
إن الأمم المتحدة مطالبة بتفعيل آليات المساءلة بدل الاكتفاء بالبيانات، ومجلس الأمن عليه تجاوز الانقسامات السياسية واعتماد آليات ملزمة لحماية الصحفيين، كما أن المجتمع المدني العالمي مسؤول عن الضغط المستمر لمنع استمرار التجاهل الدولي.
حماية الحقيقة من الاغتيال
الصحفيون في غزة يعيشون بين الجوع والإرهاق والرعب، لكن الأخطر هو شعورهم بالخيانة جراء صمت العالم، فحماية الصحفيين ليست منّة، بل التزام قانوني وأخلاقي، وإن لم تتحول القوانين إلى أفعال، فإن العالم لا يحمي الحقيقة، بل يشارك في اغتيالها.
لقراءة المزيد عن غزة..اضغط هنا
لقراءة المزيد عن فلسطين..اضغط هنا