الخوف من الفشل: هل هو عدو أم دافع؟
في كل مرة نقف أمام تحدٍّ جديد، سواء كان امتحانًا، أو مقابلة عمل، أو قرارًا مصيريًا، يتسلل إلى داخلنا إحساس خفي يُسمى الخوف من الفشل. هذا الشعور الذي يبدو سلبيًا في ظاهره، يحمل في أعماقه جانبين متناقضين: العدو الذي يعرقلنا، والدافع الذي يدفعنا للأمام.
🔻 الخوف كعدو: حين يتحول إلى قيد
كثيرون منّا يتراجعون عن أحلامهم ليس بسبب ضعف القدرة، بل لأن الخوف من الفشل يغلبهم. هذا النوع من الخوف يعطل التفكير، ويُثقل الخطوات، ويجعلنا نؤجل، نُماطل، أو حتى ننسحب قبل أن نبدأ. لماذا؟ لأننا نخشى نظرة الآخرين، أو الشعور بالإحباط، أو جرح الكرامة.
وقد يتحوّل هذا الخوف إلى قلق دائم، يُزرع منذ الطفولة عبر تجارب محبطة أو نقد قاسٍ. وكلما كبر الشخص وهو يربط الخطأ بالعقاب أو الخجل، أصبح الفشل في ذهنه نهاية، لا بداية.
🔺 الخوف كدافع: حين يكون بوصلتك
لكن، ماذا لو نظرنا إلى الفشل بطريقة أخرى؟ ماذا لو رأيناه ليس كعدو، بل كمُعلّم؟
الخوف من الفشل يمكن أن يكون قوة محركة، تدفعك إلى التحضير الجيد، والعمل المتقن، والحذر الذكي. حين نخاف، نصبح أكثر انتباهًا. حين نُدرك أن هناك احتمالًا للإخفاق، نُفكر بعمق، نخطط بدقة، ونسأل أكثر.
الأشخاص الناجحون ليسوا أولئك الذين لا يخافون أبدًا، بل الذين عرفوا كيف يستخدمون خوفهم كوقود، لا كحائط. هم الذين حاولوا، وسقطوا، ثم قاموا، وتعلّموا، وعدّلوا المسار.
بين العدو والدافع: كيف نوازن؟
المفتاح هو أن نعرف كيف نُدير الخوف، لا أن ننفيه أو نستسلم له. إليك بعض الطرق:
أعد تعريف الفشل: هو ليس نهاية الطريق، بل خطوة في طريق النجاح.
تذكّر أن الجميع يخطئ: لا أحد ينجح من أول محاولة دائمًا.
جزّئ التحديات الكبيرة: اجعل المهام أسهل لتقلّل من التوتر.
دوّن إنجازاتك الصغيرة: سترى أنك تتقدم حتى لو ببطء.
تحدث عن مخاوفك: مشاركة الخوف تقلل من ثقله.
خلاصة...
الخوف من الفشل شعور إنساني طبيعي. هو عدو إن سمحنا له أن يُقيّدنا، لكنه دافع إن جعلناه يوقظ فينا روح الاجتهاد والإصرار. الأهم أن لا نمنحه حجمًا أكبر مما يستحق. دع الخوف يصحبك، لكن لا تجعله يقودك.
فأحيانًا، كل ما بينك وبين النجاح... خطوة تجرؤ فيها على أن تخطئ.