الخطاب الإنساني والرمزية السريالية في ديوان (وأنت شبيه أمنيتي) لوليد أبو طير: دراسة تحليلية في ضوء المنهج الإنساني والمدرستين السريالية والاجتماعية"
بقلم بلقيس عثامنه ونادر سكاكية
مقدمة
يشكّل ديوان "وأنت شبيه أمنيتي" للشاعر وليد أبو طير تجربة شعرية ذات منحًى إنساني عميق، يمتدّ من الذات الحائرة إلى الوطن الجريح، ومن الحب المتأمل إلى الحلم المتجاوز للواقع. يندمج في هذا الديوان عدد من الأبعاد الجمالية والمعرفية، أبرزها الخطاب الإنساني الذي يهيمن على القصائد، إلى جانب تجليات المدرسة السريالية في الصور والرؤى، والمدرسة الاجتماعية في الخطاب المتصل بالهم الجمعي.
وتنطلق هذه الدراسة من المنهج النقدي التحليلي الإنساني، الذي يُعنى بتجليات الإنسان بوصفه مركزًا للتجربة الإبداعية، ويقرأ النصوص على أنها وثائق وجدانية تعبّر عن قضايا الإنسان الكبرى: الوجود، الحنين، الحب، والحرية. ولا يُعنى هذا المنهج فقط بالمضامين، بل أيضًا بتحليل البنية الخطابية التي تنتجها الذات الشاعرة وتوجّهها إلى الآخر الفردي أو الجمعي.
والجانب الثاني من الدراسة يعني بوقفة سيميائية عامة تنظر إلى قصائد مختارة من الديوان لتقرأ الدلالات ومحمولاتها العميقة، وتكشف الستار عن خفايا أحاسيس الشاعر التي وظفها في ديوانه لينقل من خلالها مجموعة كبيرة من الحالات الوجدانية، والعواطف الإنسانية التي تظهر أمام الكشف السيميائي الذي يثبت ذكاء الشاعر وقدرته على نقل ما يدور في خلجات نفسه بقصائد تمتاز برقتها وعذوبتها.
ولتوسيع أفق القراءة، تستنير الدراسة كذلك بمرجعيتين نقديتين إضافيتين:
المدرسة السريالية، التي تتجلى في القصائد عبر انزياح الصور الشعرية، وكسر الزمن، وتداخل الحلم مع الواقع. فالشاعر لا يقدم مشاهد مباشرة، بل رؤى مبهمة تنبع من اللاوعي والتداعي الحر، مما يحرّر اللغة من نمطيتها ويضفي على النص بُعدًا رمزيًا. والمدرسة الاجتماعية، التي تحضر من خلال تحوّل الوطن من فكرة مجرّدة إلى كيان وجداني نابض بالحياة، كما في حضور "القدس"، و"تونس"، و"عمان"، حيث تتفاعل الذات مع الجماعة، ويصبح الشاعر لسانًا لمجتمعه وثقافته وألمه الجمعي.
ولعل قصيدة "تونس" تمثل أعلى مستويات التكثيف الرمزي والوجداني في الديوان، إذ تلتقي فيها الذات العاشقة، والهوية، والمكان، والرمز القومي في صورة واحدة مكتنزة، تجعل منها محورًا رئيسًا لفهم الخطاب الإنساني في كامل التجربة الشعرية.
الخطاب الإنساني في ديوان "وأنت شبيه أمنيتي" لوليد أبو طير
قراءة تحليلية في ضوء المنهج الإنساني والمدرستين السريالية والاجتماعية مع تركيز خاص على قصيدة "تونس".
أولًا: الخطاب الإنساني – الذات الباحثة عن المعنى
يتجلى الخطاب الإنساني في الديوان من خلال تصوير التمزق الداخلي والبحث الوجودي، حيث نجد الشاعر يقول:
"أنا حيرانُ في تجريدِ أشعاري
أُدقِّقُ في متاهاتٍ أُجالسُ ظلَّها النائي" (أبو طير، ص 12)
يعبّر هذا المقطع عن اغتراب الشاعر داخل ذاته، وحنينه نحو واقع لا يستطيع الإمساك به، وهو ما يعكس سمة جوهرية في المنهج الإنساني الذي يركّز على الأسئلة الوجودية للذات.
كما يحضر الإنسان العاشق ككيان حائر:
"لا أنا أنت .. ولا أنت أنا
في الرؤى" (ص 32)
وهو مشهد شعري يعكس تفكك الهوية والانصهار مع الآخر في تجربة تتجاوز المنطق إلى فضاء الحلم، وهنا يتقاطع الخطاب الإنساني مع السريالية في رؤيتها لتجاوز الواقع عبر اللاوعي.
ثانيًا: المدرسة السريالية – الحلم والانزياح عن الواقع
يتكرّر في الديوان استخدام الصور غير المنطقية، والمفارقات الزمنية والمكانية، مثل قوله:
"سأجعل بعضَ أحزاني، كبئْرٍ قعرُها غِمْدٌ
للرُّؤى لُغزًا ليِ قُضى..." (ص 13)
في هذا المشهد، يتحول الحزن إلى بئر، والرؤيا إلى لغز، ما يشي بانزياح اللغة عن وظيفتها العادية نحو تشكيل حلم شعري، وهو ما يوافق مفاهيم المدرسة السريالية التي تسعى لتحرير المخيلة من منطق الزمن والمكان.
ثالثًا: المدرسة الاجتماعية – حضور الوطن والواقع الجمعي
يحضر الوطن في قصائد الديوان بوصفه جزءًا لا يتجزأ من تكوين الإنسان الشعري والوجداني. ففي قصيدة "نبض القدس"، يقول الشاعر:
"تلك القلوبُ تعلّقتْ في أرضِكِ
ولتُنصفي ذاكَ الجبينَ إذا دعاكِ تسيَّدا.." (ص 23)
وهنا تتجلى المدرسة الاجتماعية عبر تبنّي الشاعر لقضايا أمته، واعتبار الوطن مساحة للكرامة والانتماء، لا مجرد جغرافيا.
رابعًا: دراسة تحليلية لقصيدة "تونس" – مثال للخطاب الإنساني الجامع
تمثّل قصيدة "تونس" ذروة خطاب الحب والهوية، إذ تتحول تونس إلى كائن شعري ينبض بالحياة، وتتقمّص الوطن، والأنثى، والذاكرة. يقول الشاعر:
"هي الخضراءُ في الوجدانِ
أسكنُها وتسكُنني، وأعشقُها وتعشقني" (ص 17)
في هذا الاستهلال، تتجلى الذات المتماهية مع المكان، حيث لا فاصل بين الشاعر والمكان. تونس ليست موضوعًا، بل ذاتًا مقابلة للشاعر، تعشقه ويعشقها، وتسكنه ويسكنها.
ثم يضيف:
"وأحفرُ عشقَها أمدًا يدقُّ
بخافقِ الوجدانِ أذكارًا..." (ص 19)
إنها شخصنة الوطن، حيث يُحفر الحب في صميم القلب، ويتحول الوطن إلى ذكرى حيّة لا تزول. هذه التقنية تجسّد المدرسة الإنسانية في تمجيد الإنسان والمكان بعاطفة صادقة.
ويصل الخطاب إلى ذروته في المزج بين تونس والقدس:
"هي الخضراءُ أعنيها
بقلب القدسِ قد حُفِرَتْ..." (ص 19)
في هذا الدمج، يوحّد الشاعر بين القضية الوطنية والحنين الوجداني، فتونس تصبح تجليًا آخر للقدس، ما يدل على وحدة الشعور الإنساني في الشعر العربي المعاصر. كما أن هذا التداخل بين "الخضراء" (تونس) و"الأقصى" (القدس) يُعيد تشكيل صورة الأمة الواحدة، ويعكس بعدًا إنسانيًا اجتماعيًا يتجاوز الإطار الفردي إلى الجماعي، مكرّسًا الشعر كوسيلة للتقارب لا التباعد.
رابعًا: "تونس" – تماهٍ شعري بين العشق والهوية
تمثل قصيدة "تونس" في ديوان "وأنت شبيه أمنيتي" لحظة شعرية خاصة، تتكثف فيها رمزية الحب والحنين، وتتجلى فيها صور تتقاطع فيها الذات العاشقة مع الوطن، وتتماهى فيها الأمكنة لتشكل خريطة وجدانية عابرة للجغرافيا.
يقول الشاعر:
"ونشوتها ترتل"
في هذا التعبير، يُجسِّد الشاعر نشوة تونس وكأنها إنسان يترتّل، في استعارة تنقلنا من عالم الحس إلى عالم الروح، حيث تُصبح الطبيعة نفسها كائنًا واعيًا، يرتل، يشعر، ويُشعل في الشاعر طقسًا صوفيًا من العشق والسمو. هذا التشخيص للهواء أو النشوة هو أحد أهم تقنيات الشعر السريالي، الذي يعمد إلى تفكيك المألوف وإعادة تركيبه في صور لا واعية.
وفي لحظة أخرى من القصيدة، يقول:
"أتيه بحسنك الفتان يا تونس
كما القدس التي في القلب تفتنني"
هنا يبلغ التداخل بين الذاتي والوطني ذروته. فتونس ليست مكانًا جميلًا فحسب، بل هي فتنة مقدسة، تتوازى في تأثيرها الروحي والعاطفي مع القدس. هذا الربط يُعبّر عن أعلى درجات العشق، عشقٌ يتجاوز الجمال الطبيعي ليصل إلى رمزية "القدس"، الحاضرة في قلب كل فلسطيني، وكل عربي، كأيقونة للهوية والصمود والمقدس.
ويُكرّر الشاعر هذا الارتباط ويُرسخه عبر قوله:
"أدونها على جدران أقصانا
هي الخضراء أعنيها بقلب القدس قد حفرت"
إنه لا يكتفي بالحب، بل يدوّن هذا العشق على "جدران الأقصى"، في دلالة رمزية على أن تونس – "الخضراء" – محفورة في القلب المقدسي، ليست فقط على مستوى الإعجاب، بل على مستوى الانتماء العاطفي العميق. فـ"الخضراء" هنا ليست مجرد صفة لطبيعة تونس، بل رمزٌ لهوية عربية تمتد وتتحد في وجدان الشاعر الفلسطيني.
ويتابع الشاعر هذا البوح العاطفي:
"وعلى شرفات قافيتي أرددها
تونس .. تونس"
إن "شرفات القافية" هي الفضاء الشعري الأعلى، المكان الذي تتنفس فيه الروح عبر الكلمات. واختيار الشاعر لهذا الموضع تحديدًا ليبوح بعشقه لتونس، هو تأكيد على أن هذه المحبة ليست لحظة عابرة، بل حالة دائمة تتردد على لسانه كلما نطق الشعر.
قصيدة "تونس" في ديوان "وأنت شبيه أمنيتي" تمثّل تجليًا واضحًا للخطاب الإنساني الذي يتجاوز حدود الذات ليصل إلى فضاء الأمة. فالشاعر لا يكتب عن تونس بوصفها مكانًا جغرافيًا، بل بوصفها رمزًا روحيًا وعاطفيًا، يتحد مع القدس في القلب، ويتوهج في قافيته. وقد نجح وليد أبو طير من خلال هذا النص في تطويع الصورة السريالية لتخدم البعد الاجتماعي والإنساني، في توازن نادر بين الحلم والهمّ، بين العاطفة والقضية، بين الفردي والجماعي.
وقد جاءت قصيدة "تونس" بوصفها ثمرة تجربة شعورية ومعايشة حقيقية، إذ زار الشاعر وليد أبو طير تونس الخضراء، وتجوّل في أرجائها، وتلمّس دفء شعبها وعبق تاريخها، فتولّدت لديه هذه الرؤية الشعرية التي تمزج بين العاطفة والمكان، بين الهوية والانتماء. لم تكن "تونس" في القصيدة محض رمز شعري أو خيال عابر، بل كانت حضورًا حيًا نابضًا تَشكَّل من تجربة وجدانية مكتملة الأركان، فالكلمات هنا كُتبت من قلب التفاعل الحسي مع المكان، ومن ذاكرة شاعر عاش تفاصيله، فصاغه شعرًا نابضًا بالصدق والرؤية. وهذا ما منح النص حرارته وعمقه، وجعل من تماهي الشاعر مع تونس تماهيًا صادقًا يتجاوز النمطية ليؤسس لعلاقة شعرية بين المكان والذات، تستحضر تونس لا بوصفها مشهدًا بل كيانًا وجدانيًا، وامتدادًا للقدس في ذاكرة الشاعر العاشقة.
خامسًا: "واترك خلفي فراغًا" – الذات الموجوعة في مرآة العجز
من أبرز القصائد التي تُجسّد التمزق الإنساني العميق في ديوان "وأنت شبيه أمنيتي" قصيدة "واترك خلفي فراغًا"، والتي يحمل عنوانها بذاته دلالة مأساوية على الإحباط والخسارة. فالشاعر هنا لا يترك أثرًا، بل "فراغًا"، وهي كلمة ترمز لعدم الجدوى، ولغياب الإنجاز، وللحضور العدمي للذات، في عالم لم يمنحها فرصة تحقيق ذاتها وأحلامها.
هذا الإحساس باللا جدوى يتعزز في المقطع التالي:
"الأحلام بدون الليل سراب"
في هذا القول، يُسقِط الشاعر الحلم من عالم الواقع إلى فضاء الحلم الليلي، مؤكدًا أن ما يتوق إليه من طموحات وإنجازات لا يتحقق في اليقظة، بل قد لا يُرى حتى في المنام. فالحلم هنا يتحوّل إلى "سراب"، أي صورة خادعة تبدو قريبة لكنها مستحيلة المنال، في تعبير عن حالة قاسية من الإحباط الوجودي، وهو ما يرسّخ حضور المنهج الإنساني في نصه كصرخة صامتة للذات المقهورة.
ويبلغ الإحساس بالفراغ ذروته في قوله:
"فالصيف بعيد جدًا ثم يطول ويهوى"
في العُرف الشعري والثقافي، يُشير الصيف إلى المتعة، الراحة، اللهو، واللحظات الدافئة، لكنه هنا مغيب تمامًا عن حياة الشاعر. هذا الصيف، بما يحمله من رمزية، "بعيد" و"يطول" لكنه لا يأتي، بل "يهوى"، أي يسقط وينكسر. وكأن الشاعر يقول إن لحظات الفرح قصيرة وعابرة، أو غير موجودة أصلًا، تمامًا كما غابت المواسم الجميلة من حياته، لأنها مرتبطة بتحقيق الذات – ذلك الهدف الذي لم يتحقق.
إن هذه القصيدة، بتعبيراتها الشفافة والمؤلمة، تُلامس مشاعر القارئ العربي الذي يشترك – في كثير من الأحيان – في نفس الهمّ: اغتراب داخلي، أحلام مؤجلة، واقع صعب، وذات تتألم في صمت. وهذا ما يجعلها قصيدة ذات بُعد إنساني عام، يتجاوز خصوصية التجربة الشخصية للشاعر.
سادسًا: "أخلو إلى نفسي" – الذات في متاهة السؤال والاغتراب
في قصيدة "أخلو إلى نفسي", يُكمل الشاعر وليد أبو طير رحلته الوجودية في البحث عن المعنى، متأملًا ذاته في عزلةٍ متأملة، وصمتٍ ثقيلٍ لا يقطعه ضوء. ففي هذه القصيدة، يحضر الليل لا كرمز للسكينة، بل كمرآةٍ للوحدة والفقد، كما يقول:
"ليلي طويلٌ ليس لي بدرٌ يُسامرني"
هنا يُبرز الشاعر افتقاده لأي مصدر نور أو مواساة حتى في الليل، الذي عادة ما يكون مجالًا للتأمل أو اللقاء بالأحبة في المخيلة الشعرية. أما البدر – الذي يمثل غالبًا الأنس، والضوء، والصحبة – فهو مغيب، ليبقى الشاعر في مواجهة نفسه فقط، دون شريك أو عزاء. وهذه الصورة ترمز بشكل دقيق إلى الوحدة الوجودية، وهي من أهم سمات الخطاب الإنساني الحديث.
ويعزّز الشاعر هذه الرغبة بالانسحاب إلى الداخل من خلال تصريحه الصريح:
"أخلو إلى نفسي"
فهو لا يبحث عن الآخرين، بل يعود إلى ذاته، في محاولة لفهم من يكون. وهذا الخلو ليس عزلة عابرة، بل تأمل فلسفي، ينطوي على تفتيش داخلي وجودي، يتجلى في قوله:
"أدقق في معاجمها لأعرف من أنا"
تُحيل هذه العبارة إلى تفكيك الهوية ومحاولة إعادة تعريفها، ليس عبر التجربة، بل عبر اللغة ذاتها، وهو ما يشير إلى بُعد ما بعد حداثي في النص، حيث تصبح الهوية قابلة للبحث في المعاجم، لا في الحياة فقط.
وتبلغ الحيرة ذروتها باستخدام الشاعر أسلوب الاستفهام الوجودي، حين يسأل:
"أأنا الصدى؟"
ثم يتابع:
"أأنا الغياب أم الحنين؟"
وهنا تتعدد الهويات أمامه، ما بين الصدى (صوت لغيره؟)، أو الغياب (اللاوجود؟)، أو الحنين (الأثر المتبقي؟). وكل هذه الاحتمالات تؤكد أن الشاعر لم يصل بعد إلى يقين، بل لا يزال تائهًا في تساؤله، متورطًا في قلق الهوية، وهو جوهر الخطاب الإنساني.
هذه القصيدة، إذًا، لا تكتفي بإبراز مشاعر الوحدة، بل تفتح بابًا على فلسفة وجودية تسأل عن المعنى، وتكشف هشاشة الذات أمام سؤال "من أنا؟"، مما يجعلها جزءًا مركزيًا في هذا الديوان الذي تتنقل فيه الذات الشاعرة بين الاغتراب والانتماء، بين الانكسار والأمل.
سابعًا: "رغم البعد"
في قصيدة "رغم البعد"، يكتب وليد أبو طير الحب كقضية كبرى لا تنتهي بالغياب ولا تبهت بالمسافات. يعلن أن البعد لا يقتل الحب، بل يُرسخه في الأعماق. فالحب هنا ليس شعورًا طارئًا، بل حالة شعرية خالدة تتجاوز الزمان والمكان.
يبرز الشاعر صورة الحبيب الغائب، لا ليمحو أثره، بل ليُعلن حضوره الأبدي في وجدان العاشق. وفي قوله:
"شِعري قد راح يسافر في بحر الأشواق"
نشهد تشبيهًا بارعًا، حيث يُصوَّر الشعر ككائن حيّ، يسافر ويغامر في بحار العشق، فيدبّ فيه الحنين وتنبض به الأشواق. إن التشبيه يُكسب النص حيوية وامتدادًا، ويُجسّد المعاناة العاطفية كرحلة وجودية.
أما قوله:
"لا أدري أنني مسجون في زمن الرق"
فهو يحمل إنكارًا بلاغيًا يُضمر وعيًا مريرًا بالقيود التي تحيط به، لكنه يُنكرها شعريًا كمحاولة للتحرّر الداخلي. إنه اعتراف بالحب ورفض للخضوع، في آنٍ معًا.
وفي قوله:
"هي الحب الخالد في…
: أتأمل عشقا لأصور أشجاني"
هذه العبارة تكشف عن عملية شعرية واعية ومتعمدة. الشاعر هنا لا يصور الألم بشكل مباشر وعفوي، بل يتأمل العشق كظاهرة أو تجربة، ثم يستخدم هذا التأمل كوسيلة لصياغة أشجانه ومعاناته.
* "أتأمل عشقًا": يشير هذا إلى نوع من التفكير العميق والتفحص للعشق نفسه. العشق هنا ليس مجرد شعور يمر به الشاعر، بل هو مادة للتأمل والتحليل. يمكن أن يكون هذا التأمل في طبيعة العشق، تأثيره، أو حتى في جوانبه الفلسفية.
* "لأصور أشجاني": الغاية من هذا التأمل هي التعبير الفني عن الألم والحزن. "الأشجان" هي الأحزان والهموم العميقة التي تنشأ غالبًا من تجربة الحب. هنا، الشاعر يجد في التأمل طريقة لترجمة هذه المشاعر المعقدة إلى صور شعرية، مما يضفي على ألمه بعدًا فنيًا وجماليًا، ويجعله أكثر تأثيرًا على المتلقي. إنه يُحول المعاناة الشخصية إلى فن قابل للتأمل والمشاركة.
"هي ليست مثل نساء الكون" و "ليست مثل نساء الأرض"
تكرار هذه العبارة في مطلع القصيدة يؤكد على محورية المحبوبة وتميزها المطلق في وجدان الشاعر. هذا التكرار ليس مجرد حشو، بل هو توكيد بلاغي قوي يخدم عدة أغراض:
* التفرد والاصطفاء: الشاعر يريد أن يرسخ فكرة أن محبوبته متفردة واستثنائية عن جميع النساء، لا يوجد من يشبهها. هذا يرفع من قدرها ويعلي من شأنها في نفسه وفي نظر القارئ.
* التعظيم والإجلال: يمنح هذا التكرار المحبوبة هالة من القداسة والجمال الأسطوري. هي ليست مجرد امرأة، بل كيان فريد يتجاوز المقارنات الدنيوية.
* تأكيد الحب الخاص: هذا التمييز المطلق يؤكد أن حبه لها هو أيضًا حب خاص واستثنائي، لا يشبه أي حب آخر، لأنه موجه لكيان لا يشبه أحدًا. يبرر هذا التميز عمق الحب والتعلق.
* بناء الصورة الشعرية: يساهم في بناء صورة المحبوبة كرمز للجمال المطلق والكمال الذي لا يمكن إدراكه إلا من خلال عيني الشاعر العاشق.
"أتجلى في ملكوت العشق"
هذه العبارة تأخذنا إلى عالم روحي وصوفي تقريبًا للحب، حيث يتجاوز الشاعر حدود الواقع المادي ليدخل في حالة من التوحد الروحي مع العشق.
* "أتجلى": الفعل "يتجلى" يعني الظهور بوضوح وروعة، وغالبًا ما يستخدم لوصف ظهور إلهي أو روحي. هنا، الشاعر لا يعيش الحب فحسب، بل يصبح هو جزءًا من العشق، ويتماهى معه. هو يتكشف، يتضح، ويظهر في أبهى صوره داخل هذا "الملكوت".
* "ملكوت العشق": كلمة "ملكوت" تشير إلى مملكة أو سيطرة أو عالم واسع وعظيم. بدمجها مع "العشق"، يصبح العشق كيانًا وجوديًا شاملاً، ذا أبعاد روحية وغير مادية. إنه ليس مجرد شعور، بل عالم كامل يحكمه العشق وتسيطر عليه قوانينه الخاصة. الشاعر هنا يعلن دخوله إلى هذا العالم، وكأنه أصبح كائنًا متألهًا أو متصوفًا في محراب الحب. إنها حالة من الوعي العميق والاندماج الكامل مع جوهر الحب، حيث تتلاشى الحدود بين الذات والعشق.
"سأبحث وحدي كي أنأى بمعذبتي"
هذه العبارة تكشف عن تناقض نفسي وعاطفي عميق لدى الشاعر، وتجسد تعقيدات العلاقة بين الحب والألم.
* "سأبحث وحدي": تشير إلى إصرار وانفرادية في السعي. الشاعر يعتزم القيام بهذا البحث بمفرده، مما قد يدل على عمق المعاناة التي لا يمكن مشاركتها، أو على رغبته في الانعزال في مواجهة هذا الألم.
* "كي أنأى بمعذبتي": هنا يكمن المفارقة. "ينأى" تعني يبتعد أو يبعد، و"معذبتي" هي المحبوبة التي تسبب له العذاب. منطقيًا، يبدو الأمر وكأنه يريد إبعاد المحبوبة ليتخلص من العذاب. ولكن في سياق القصيدة التي تؤكد على أن البعد يزيد الحب رسوخًا، فإن هذا "النأي" لا يعني الانفصال التام أو الكراهية.
* يمكن أن يكون "النأي" هنا محاولة لحماية المحبوبة من ألمه، أو للحفاظ على صورة مثالية لها بعيدًا عن الواقع المؤلم.
* أو قد يشير إلى رغبة في التسامي على الألم، والبحث عن طريقة للتعامل مع "العذاب" الذي تسببه المحبوبة (وربما بسبب البعد) دون أن يؤثر ذلك على جوهر حبه لها.
* العبارة قد تعكس أيضًا حالة من التضحية أو الفداء؛ فهو مستعد للبحث عن طريقة لتحمل الألم وحده، كي لا يمس محبوبته أي سوء أو كي يحافظ على نقاء صورته لها أو صورتها لديه. إنها محاولة للحفاظ على الحب رغم كل القيود والآلام.
خاتمة التحليل
تُعد قصيدة "رغم البعد" لوليد أبو طير تحفة شعرية تجسد مفهومًا متساميًا للحب، حيث يتجاوز الزمان والمكان ليصبح كيانًا خالدًا متجذرًا في وجدان الشاعر. من خلال تشابيه بارعة وصور شعرية عميقة، ينقلنا أبو طير إلى عالم يتفاعل فيه الألم مع العشق، ليصنعا معًا لوحة فنية معقدة وذات أبعاد وجودية.
يؤكد الشاعر أن البعد لا يقتل الحب، بل يزيده رسوخًا، مُعلنًا أن محبوبته كيان فريد ومتميز عن نساء الكون، وهو ما يبرر عمق وخصوصية حبه. تتجلى المعاناة العاطفية كرحلة وجودية يخوضها الشاعر، يتأمل فيها العشق ليصور أشجانه، محولًا الألم الشخصي إلى إبداع فني. يغوص في "ملكوت العشق" بوعي صوفي، حيث يتوحد مع جوهر الحب، مما يضفي على تجربته بعدًا روحيًا. ورغم الإقرار بالقيود والألم، يظل الشاعر متمسكًا بإنكارها شعريًا كنوع من التحرر الداخلي، حتى لو اضطره الأمر للبحث منفردًا عن سبل "النأي بمعذبته" في محاولة للحفاظ على نقاء الحب وتساميه.
إن القصيدة ليست مجرد تعبير عن الشوق، بل هي تأمل فلسفي في جوهر الحب الأبدي، وقدرته على تجاوز كل الحدود المادية، ليصبح قوة دافعة تصقل الروح وتصمد أمام غدر الزمان. إنها "معلقة" معاصرة تُعلي من شأن الحب، وتجعله قيمة خالدة تتوارثها الأجيال في سجل الشعر العربي.
قراءة سيميائية في ديوان "وأنت شبيه أمنيتي"
قصيدة "نبضُ القدسِ"
لا ينكف الشاعر المقدسي عن الهيام في هذه المدينة العابقة في التاريخ، هذه المدينة التي احتضنت الرسائلت السماوية، وأخرجت للعالم قوانينه وشرائعه، القدس، النبض الحي في وجدان الشاعر، هذه المدينة التي يرتبط بها كل مؤمن بالكتب السماوية، وكل عاشق يبحث عن ملهمة لشعوره العميق المتأجج، إن القدس حاضرة باقية في دواوين الشاعر وليد، وتتجلى صورتها في ديوانه الأخير قيد الدراسة:
"فيهيم شوقي في هواك غاز لا متغزلا
متصوفا متعبدا"
الألفاظ التي وظفها في هذا المقطع من "نبض القدس" تحمل دلالت متعددة دينية وشعورية لمحبته العظيمة لهذه المدينة الساحرة التي غزت قلبه غزوا لم تستأذنه عندما سكنت روحه واستقرت مستقر الدم منه، فأصبح متصوفًا زاهدًا عاشقًا تحيا به ويحيا بها، يتعبد ويهيم مشتاقًا دون اكتفاءٍ من حبها وتميزها في روحه الغريقة:
"يا قدس يا مهوى الفؤاد تأملي
وجدان طبعك كي تبوحي في شجون قصيدتي"
ينادي القدس طالبًا منها أن تتأمل في ذاتها، في وجدانها العميق، لتبوح له بعد ذلك في شجون قصيدته التي كتبت، وهذه فلسفة عميقة تربط القارئ في دلالة سابقة الذكر في القصيدة ألا وهي "متصوفا" إذ يربط فلسفة حبه بالتّصوف، ويربط القدس بوجدانه العميق، فتصبح العلاقة التي تربط بينه وبين هذه الأرض علاقة فلسفية عميقة، علاقة إلهام وهيام وشجون، تبوح فيها القدس عن عاشقها في قصيدته! وهذه فلسفة عشق صادقة، فيعود ويصرح بعدها بقوله "إني بلاك سأنتهي" هذا الرابط المتجذر في علاقة المقدسي بأرضه، ارتباط الروح والجذور، فهذه الأرض منها هو، ولها ينتمي ولن يتمكن من الحياة دونها، والنهاية هنا دلالة تشير إلى أبعاد نفسية عميقة، فانتهاء الشاعر يعني أنه جزء من أجزاء هذه المدينة، يختفي إذا ابتعد عنها وكأنه ملتصق بهذه الجذور مرتبط بها، يخاف حالة اغتراب ستؤدي به إلى الفناء إن ترك هذه الأرض، في إشارة إلى ارتباط وجوده بوجوده في القدس، ولا يمكن أن يكون إن لم يكن حاضر الروح والجذور على هذه الأرض!
"فصل الرواية لم يعِ
سجع الحمائم فوق أقبية الكنائس والحشا والأضلعِ
أو بين أروقة المساجد أو دجى
ليل المكابد حيث تلتحم الجذور"
يواصل تأكيد معانيه التي نتثها في حقل قصيدته سابقًا، باستخدام ألفاظ محملة بالدلالات التاريخية والدينية والفلسفية، فهذه أرض السلام والتصالح الديني، أرض تعاقبت عليها الحضارات وبقيت صامدة في مهب كل ليلة عاصفة أليمه، ففي كل مرة استطاعت القدس بجذورها الراسخات، بمعتقداتها بصلابة وجودها وإصرارها على البقاء أن تكابد الليالي العصيبة وتواصل البقاء، في إشاراة دلالية تكشف تاريخا طويلا مرّ على هذه الأرض وواصلت البقاء ثابتة الجذور باقية:
"في القدس تحديدا تشم أريج التاريخ
يداعب ساسة الحرف الأنيق بلا مجاز دون تورية"
يمتلك الشاعر مخزونًا ثقافيًا وتاريخيًا ولغويًا عميقًا تظهر ظلاله في المعاني التي تختبئ خلف ألفاظ قصيدته، فالقدس مدينة تاريخية كما أسلف الإشارة وأعاد تأكيدها، وأريج تاريخها يظهر في كل أروقتها، في كل مبانيها، ظاهر عيانا وفي كتب التاريخ وقصص الأسلاف، هذه المدينة التي لا يتوارى جمالها وصدقها خلف تلاعب بالألفاظ وتغيير للحقائق، فهو راسخ برسوخها.
قصيدة ألفتكِ
ما يزال الشاعر يتجوّل في ثنايا معشوقته القدس، فيتخيّر المشاعر، والألفاظ، وطرق نظم القصيدة ليعبّر عن عظيم عظيم حبه لمسقط رأسه، وتحمل العتبة الأولى للنص، أعني العنوان، "ألفتكِ" دلالة تشير إلى الألفة والمودة والرحمة، وقد يظن القارئ لأول وهلة أن القصيدة تتحدث عن فتاة عشقها الشاعر، لكن المقدسي يهوى بكل وجدانه هذه المدينة العميقة التي تحمل إرثًا عظيما وتشكل جزءًا كبيرا من تركيبته الشعورية، وكتبت القصيدة بصورة عمودية إذ يلفت هذا البناء نظر القارئ، فالشاعر راوح في ديوانه بين طريقتي النظم، واختار لهذه القصيدة أن تكون عمودية فيما يتناسب مع موضوعاتها التي تطرح بطريقة تربط قصص حب أزلية لها علاقة بهذا الأرض وبقصة حبه معها:
لك في القلب عرش مستبد يُحكِّمُني بوجداني المعذب
العرش دلالة على الملك، أي أنها امتكلت لبّ الشاعر وسيطرة على حالته الشعورية، وأصبح مقرّا معترفًا بهذا الملك وهذا العرش الذي تمتلكه في داخله، فتستطيع بكل يسر وسهولة أن تسيّر شعوره، وفي اختياره لعبارة "الوجدان المعذب" دلالة نفسية عميقة حيث تشير إلى هذا العذاب النفسي الذي يعيشه، وتلك الحالة من الألم والحزن التي تسيطر على داخله، لكن السؤال الحاضر هنا، هل سبب الألم هو هذا الحب؟ وهل للمحبوب الذي يمتلك لب محبوبه أن يستبد في حكمه عليه؟
المعنى العام لهذا البيت يطرح تساؤلات عميقة، ويشد القارئ للغوص أكثر في هذه القصيدة، ليكمل رحلة البحث عن المعنى الذي يريد إيصاله:
فأنهك حبك المجنون شوقي وعلل كل أشواقي وألهب
ولكن لا أرى في الحب عيبا ولا قدرا له عذر ومهرب
فأمشي دون شك في دروبي وأتبعك فدرب الحب أصوب
في نظرة فاحصة للألفاظ التي استخدمها الشاعر في هذه المجموعة المختارة من الأبيات من مثل: "أنهك، علل، ألهب" ومجموعة "عيبًا، عذر، مهرب، دون شك" وختاما بعبارة "الحب أصوب" يظهر مدى تعبه وألمه الذي كابد من هذا الحب، لكن هل الحب يسبب كل هذه النياران والفوضى في داخل المحب؟ إنها حالة حب عظيمة، حالة حب أسطورية آسرة، حب حقيقي لا يكترث للعواصف الخارجية وجرعات الألم والتشكيك، فيتفخار في هذا الحب ولا يرى فيه عيبًا فلا مهرب من هذا الحب، في دلالة على إصراره العميق على حبه، وتشبثه بهذا الحب، فهو واثق بالدرب الذي اختار لنفسه، ويتبع محبوبته فطريق الحب أصوب الطرق، إذ يسير الشاعر خلف حبه دون أن يرى سلبيات وآلام هذا الحب فهو الصواب في طريقه، فما هذه المعشوقة التي عذبته وأستره وألفها؟
أسيرك في هواك غدا أميرا وفي شرع الهوى ملكا مُنصّب
يؤكد فكرة حبّه باختيار عبارة "أسير هواها" ويواصل فيقول "وفي شرع الهوى ملكا منصب" إذ يبرر كل ما سبق ويوضح أن كل هذه التناقضات التي ذكرها تفسر بشرع الهوى، فكل عشقه هذا، أسره، ألمه، سيطرة العشق على روحه يعلل بأن شرع الهوى يبيح كل هذه الأضداد، يبيح الأسر مع التنصيب ملكا، ويبيح إنهاك الحب مع جنونه، فهذه حال العاشق المتيم، ويأتي على ذكر بلقيس سليمان:
كما بلقيس صوب العرش شدّت فأدهشها ومالت حيث تسلب
يحمل هذا البيت دلالات عميقة إذ يذكر بلقيس، وفي نظرة دينية تاريخية سريعة، نجد أن بلقيس هي ملكة يمنية دعاها سيدنا سليمان للإسلام، وذهبت إلى أرض فلسطين، ويتحدث عن قصة عرشها المذكورة في القرآن، فمالت بروحها إلى هذه الأرض فعبر عن ذلك بـ "تسلب" للدلالة على سيطرة هذه الأرض على أفئدة الجميع، والرابط بينه وبينها هو العرش والأرض والملك، فامتد ملك بلقيس حين ذهبت إلى فلسطين، وأعجبها العرش، وسلبت لبها فهذه الأرض، تفعل هذا بكل من يدوسها.
خاتمة:
يتجلّى ديوان "وأنت شبيه أمنيتي" بوصفه تجربة شعرية تتجاوز الغنائية العاطفية إلى بناء خطاب إنساني شمولي، تتضافر فيه الرؤية الوجودية، والحنين الوطني، والصور السريالية، والهمّ الاجتماعي. وقد أظهر تحليل قصيدة "تونس" بشكل خاص كيف يتحول الوطن إلى كائن ينبض بالعاطفة، ويعانق الإنسان في محنته وأمله، ويجعله جزءًا من الحلم الشعري.
كما وتدور في فلك هذا الديوان الشعري العديد من العلامات النصية التي تحمل دلالات عميقة تكشف حالة من الألم الوجداني العميق، والحزن الأزلي، وحالة تشبث وتعلق بالمكان، بطرق ربط، وتنظيم، وعرض متعددة فتنوعت القصائد بين قصائد التفعيلة، والعمودية، ولكل قصيدة دلالاتها التي تنبئ عنها ألفاظها وطريقة النظم التي اختارها الشاعر، ليكون الديوان الشعري نسيجا متماسكا دلاليا وكاشفا مهما عن المشاعر التي يعيشها الشاعر الذي تعلقت روحه بالأرض فتجذر فيها، وعاش حالة قلق وخوف من فقدانها، وتؤثر أحوالها على حياته، وبهذا يظهر تعلق الشاعر المقدسي بهذه الأرض المقدسة.
خاتمة القول يستحق هذا العمل أن يُقرأ ضمن مشاريع تحليلية أوسع، تدمج النقد الأدبي بالتحليل النفسي والسوسيولوجي، لما يحمله من طاقات رمزية وغنى لغوي وفكري.