الأمطار تحوّل خلة الفرا إلى مأساة إنسانية… خيام مغمورة بالطين وأطفال بلا مأوى
الخليل -مارينا بوست- مع كل تساقط جديد للأمطار، تتحول خلة الفرا غرب يطا إلى ساحة معاناة حقيقية، إذ تصبح الخيام هناك مجرد أغطية ضعيفة تغمرها الطينة والمياه، فلا تمنح دفئًا ولا توفر حدًا أدنى من الحماية. فقد تسببت الأمطار الغزيرة في إغراق خيمة عائلة حرب التي اضطرت للجوء إليها بعد أن دمّر جيش الاحتلال منزلها في التاسع من كانون الأول الجاري، لتجد نفسها تواجه برد الشتاء القاسي بلا مأوى يحصّن أطفالها من الخطر
داخل الخيمة، يحاول الأطفال عبور مساحات الطين بأقدام حافية ترتجف من البرد، بينما تبذل العائلة جهدها لتجفيف الأرض بما يتوفر من أغطية قديمة وقطع خشب بسيطة. مشاهد موجعة تختصر قسوة الظروف الإنسانية التي خلفتها سياسة الهدم، وتتفاقم مع استمرار المنخفضات الجوية في ظل غياب أي حلول بديلة أو مأوى إنساني آمن.
هذه المعاناة لا تختلف كثيرًا عن مشاهد خيام النازحين في قطاع غزة، حيث تتكرر التفاصيل ذاتها: أمطار لا ترحم، خيام لا تصمد، أرض موحلة، وأطفال يواجهون البرد والخوف بدل الدفء والأمان. هنا كما هناك، الألم واحد والكرامة الإنسانية تتآكل أمام واقع التهجير القسري وفقدان المأوى.
أهالي منطقة خلة الفرا وصفوا الوضع بأنه كارثي بكل معنى الكلمة؛ فالأمطار والسيول تسببت بانهيار مغارتين بالكامل، وتضرر مغارة ثالثة، إضافة إلى أضرار جسيمة في ممتلكات المواطنين ومساكنهم البسيطة. وأوضح منسق اللجان الوطنية والشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان جنوب الخليل، راتب الجبور، أن المواطن الشيخ محمود القيمري فقد عددًا من أغنامه بعد انهيار إحدى المغارات عليها وغرق مسكنه بالمياه، ما ألحق به خسائر كبيرة في مصدر رزقه.
كما تعرض المواطن إبراهيم الهريني لانهيار أجزاء من مغارة كانت تؤوي أغنامه، إضافة إلى انهيار خيمته وانفجار بئر المياه الخاص به بفعل ضغط السيول، فيما تحدث المواطن ثائر حرب عن فيضان قوي باغتهم بشكل مفاجئ، واجتاح خيام العائلات مخلفًا معاناة واسعة خاصة للأطفال والنساء.
الجبور أكد أن الأوضاع في خلة الفرا مأساوية، داعيًا البلديات والشرطة والدفاع المدني والجهات المختصة إلى تدخل عاجل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ورغم تمكن الطواقم من إجلاء النساء والأطفال، إلا أن المياه غمرت الخيام والممتلكات، وباتت العائلات تقضي لياليها في ظروف قاسية لا توفر الحد الأدنى من الحياة الكريمة.
في خلة الفرا كما في غزة، تتشابه الدموع وتتكرر التفاصيل المؤلمة… أرض موحلة، خيام منهكة، وقلوب تبحث عن مأوى يحمي إنسانيتها قبل أجسادها.