تعتبر رواية الجريمة والعقاب للكاتب والروائي الروسي فيودور دوستويفسكي من الأعمال الخالدة في الأدب العالمي ومن أكثرها تأثيرا واستحوذا على القارئ وجذبه للغوص في تفاصيلها وأحداثها.
تمكن دوستويفسكي من خلال أعماله العظيمة من الغوص في أعماق النفس البشرية والنفاذ إلى خباياها المظلمة.
تتألف الرواية من جزئين وتروي معاناة شاب فقير، ارتكب جريمة السرقة المقرونة بالقتل، ويمكن تلخيص وقائعها في ثلاتة مراحل، وهي مرحلة ما قبل ارتكاب الجريمة، ومرحلة التنفيذ وما بعدها، ومرحلة الإعتراف.
مرحلة ما قبل ارتكاب الجريمة:
بطل الروراية هو طالب جامعي فقير الحال يدعى "روديون رومانوفبتش" من مدينة "سان بطرس بورغ"، يستأجر غرفة صغيرة زاهدة الثمن بأثاث بال وممزق، يكاد لا يصلها ضوء الشمس، وكانت له أسرة مكونة من أم وأخت تعيشان في فقر مدقع، وقد اشتدّ عليه الضيق ولم يتمكن من تسديد التزاماته ومتطلبات حياته ودراسته.
دار صراع طويل بين قوى الشر والخير داخل نفس روديون، فكان يحاول خلق المبررات لسرقة العجوز المرابية، وكان جانبه المظلم يقول له:
"إن الجريمة ما هي إلا احتجاج ضد مجتمع ظالم لا يوفر لأفراده العيش الكريم"، وهنا يلفت دوستويفسكي الانتباه إلى دورالمجتمع أحيانا في صنع الجريمة، لا سيما المجتمعات التي يعمها الفساد.
كما برر الشاب فعلته لنفسه بأن المرأة العجوز طاعنة في السن وتعيش أيامها الأخيرة ولا حاجة لها بالمال الكثير، وأنه وعائلته أحق منها به.
مرحلة التنفيذ وما بعدها:
ويعد صراع طويل انتصرت قوى الشر على قوى الخير داخل نفس الشاب، فقرر سرقة العجوز، وعند محاولتها الدفاع عن نفسها أنزل ضربها بأداة حادة على رأسها، وما أن أرداها قتيلة، حتى ظهرت مفاجئة أخرى لم تكن بحسبانه، وهي وجود حفيدة الضحية داخل شقتها، وكي لا ينفضح أمره قرر قتلها، وبعد أن محى الآثار والأدلة التي قد تكشف جرمه، فر هاربا، شارد الذهن، مصدوما غير مصدق ما اقترفت يداه.
وبعد وصوله إلى غرفته، مرض مرضا شديدا ودخل في اكتئاب حاد، لا يأكل ولا يكاد يتنفس، تنتابه أحلام مزعجة، وهلوسات إلى حد جنون، لا يغمض له جفن، حتى بات يفكر بالانتحار.
مرحلة الإعتراف:
وأخيرا وبعد أن تمكن روديون من تضليل العدالة ومحو جميع الأدلة التي قد تثبت جرمه، قرر القاضي الصارم المتمثل بضميره إنزال عقوبة قاسية بحقه، فلم يعد يحتمل نفسه بل يتقزز ويتبرأ منها، وانهزمت قوى الشر وعادت قوى الخير تسيطر عليه وتوبخه، بعد أن عاش أياما ثقالا على روحه بسبب خطيئته اللتي طوقته وأرهقته إرهاقا شديدا، فقرر الاعتراف أمام الشرطة طوعاً، بعد أن ارتأى أن السبيل الوحيد للتكفير عن خطيئته هو الاعتراف ونيل عقوبة الإعدام.
القصة .
ترجمة: مؤيد الدبس