تثير الإصابات المتزايدة بفيروس تنفسي بالصين يعرف باسم ميتانيموفيروس البشري (HMPV)، ينتاب الكثير من البلدان المخاوف حول الفيروس الوبائي الجديد، لان اعراضه تتشابه مع اعراض الفيروس الرئوي التنفسي و الانفلونزا ونزلات البرد.
إذ يستحضر هذا الفيروس في أذهان العالم وباء كورونا، التي انتشرت في العالم بأسره، وخاصةً أن الفيروس بدأ ظهوره في حينها بالصين أيضاً.
أما عن ظهور الفيروس مؤخراً في الصين، فإن هذا يدل على تزايد رصد الحالات وتكثيف الضوء عليه، وليس بالضرورة إلى بدايته الفعلية، وفقاً لأستاذ ومستشار علاج الأمراض المُعدية الدكتور ضرار البلعاوي.
تاريخه ونشأته
وصرح البلعاوي في حديثه لبي بي سي عربي، إنه تم اكتشاف الفيروس لأول مرة في هولندا عام 2001، إلّا أن التفكير الشائع يفيد بأنه كان موجوداً لفترة طويلة قبل ذلك بالرغم من أنه جديد نسبياً من حيث اكتشافه.
ويضيف أن الفيروس يعد ثاني أكثر أسباب أمراض الجهاز التنفسي الحادة شيوعاً منذ العام 2016، لدى الأطفال الأصحاء دون سن الخامسة في العيادات الخارجية بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من بعد الفيروس المخلوي التنفسي (RSV)، واللذان ينتميان لنفس العائلة.
وتُشير الدراسات إلى أنه ينتشر موسمياً، عادةً في فصلي الربيع والشتاء، وفقاً للدكتور البلعاوي.
طرق انتقاله وسرعة انتشاره
وينتقل ميتانيموفيروس البشري HMPV، وفقا للبلعاوي، حيث ينتشر عن طريق الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو بالاتصال المباشر مع الأسطح الملوثة بالفيروس.
ويشير إلى أن سرعة انتشار الفيروس ليست معروفة بدقة، إذ تُجرى دراسات حالياً لفهم طبيعة انتقاله بشكل أفضل.
الفئات الأكثر عرضة للإصابة
يبيّن الدكتور البلعاوي أن الفيروس قد يصيب جميع الفئات العمرية، لكنه يُشكل خطراً أكثر على الأطفال الصغار وكبار السن، والأفراد الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، والأشخاص المصابين بأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي مثل الربو، وفقاً له.
موضحا أن هذه العدوى الفيروسية تسبب في كثير من الحالات أعراضاً خفيفة تشبه أعراض نزلات البرد، مثل سيلان الأنف، والسعال، والتهاب الحلق، والحمى، مستدركاً حديثه بأنه يمكن أن يُسبب في بعض الحالات، التهابات خطيرة في الجهاز التنفسي السفلي، مثل الالتهاب الرئوي والتهاب القصيبات، والتي قد تتطلب دخول المستشفى، خاصةً للفئات الأكثر عرضة للخطر.
طرق الوقاية منه
ويقول إن الفيروس لا يُمثل حالياً تهديداً وبائياً عالمياً، إلا أن الوعي بأعراضه وطرق الوقاية منه يُعد أمراً شديد الأهمية للحد من انتشاره وحماية الفئات الأكثر عرضة للخطر.
وينوه إلى أن طرق الوقاية من الفيروس تُشبه تلك المتبعة للوقاية من نزلات البرد والإنفلونزا، وتتمثل بالتالي:
- غسل اليدين جيداً بالماء والصابون لمدة لا تقل عن 20 ثانية.
- تجنب لمس العينين، والأنف، والفم بأيدي غير مغسولة.
- تغطية الفم والأنف بمنديل ورقي عند السعال أو العطس، ثم التخلص من المنديل على الفور.
- تنظيف وتطهير الأسطح التي يتم لمسها بشكل متكرر.
- البقاء في المنزل عند الشعور بالمرض لتجنب نقل العدوى للآخرين.
مدى خطورته وكيفية علاجه
وعند سؤاله عن ضرورة اتخاذ إجراءات واحتياطات لازمة لعدم انتقاله من بلد لآخر، كما إجراءات كورونا، قال د .البلعاوي، إنه وفي الوقت الحالي، لا توجد أدلة كافية تُشير إلى ضرورة اتخاذ إجراءات حادة على مستوى السفر الدولي.
مكملا "ومع ذلك، يجب و يُنصح باتباع إرشادات الصحة العامة للوقاية من العدوى الفيروسية ، والتي تشمل النظافة الجيدة"، مؤكداً على أهمية مراقبة مراحل تطور الوضع الوبائي للفيروس عن كثب لتقييم الحاجة إلى اتخاذ إجراءات إضافية.
ويوضح د. البلعاوي أنه لا يوجد علاج مُحدد ومجزم لفيروس ميتانيموفيروس البشري ، بل إن العلاج يعتمد في الغالب على تخفيف الأعراض.
ونصح الدكتور بالراحة وشرب الكثير من السوائل، إضافة إلى استخدام الأدوية التيلا تحتاج لوصفة طبية لتخفيف الحمى والألم.
أما في حالات العدوى الشديدة، فيرى أنه قد يلزم العلاج في المستشفى، حيث يُمكن تقديم الرعاية الصحية الداعمة، مثل الأكسجين والتهوية الميكانيكية.
وبشكل عام، يُؤكد الخبراء على أهمية مراقبة الوضع وتحديث المعلومات باستمرار مع تقدم الأبحاث المتعلقة بميتانيموفيروس البشري HMPV، وفقاً ل . د .البلعاوي.
ماذا تقول الصين؟
كما أثار المؤتمر الصحفي للمتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، تساؤلات حول هذا الموضوع يوم الجمعة.
رداٍ على ذلك، قالت ماو نينغ إنه تم الإبلاغ عن المزيد من حالات عدوى الجهاز التنفسي في الجزء الشمالي خلال فصل الشتاء.
ووضحت إلى أنه قد عقدت المراكز الوطنية الصينية لمكافحة الأمراض مؤخراً مؤتمراً صحفياً للإعلان عن اجراءت و تدابير للسيطرة على أمراض الجهاز التنفسي في الصين خلال فصل الشتاء".
مضيفة "مقارنة بالعام الماضي، تبين أن هذه الأمراض أقل خطورة وأقل انتشاراً هذا العام. أريد أن أؤكد لكم أنه من الآمن السفر إلى الصين".
مخاوف الدول المجاورة للصين
ويُراقب جيران الصين الوضع بقلق، حيث أصدرت وزارة الصحة الإندونيسية بيانا قبل بضعة أيام، جاء فيه أن إندونيسيا "تراقب انتقال فيروس HMPV في الصين، ويجري رصد نقاط الدخول القادمة إلى البلد، وهذا يشمل خطوات مثل الحجر الصحي للركاب القادمين من الخارج الذين تظهر عليهم أعراض تشبه أعراض الأنفلونزا".
وذكرت وكالة أنتارا الإندونيسية للأنباء، أن المتحدثة باسم وزارة الصحة، فيديا فاثي، أصدرت تعليمات للسكّان باتخاذ الاحتياطات مثل استخدام الأقنعة وغسل اليدين بالصابون.
وعلى عكس إندونيسيا، قال الدكتور أتول جويال، المدير العام للخدمات الصحية الهندية، إنه لا يوجد داعي للقلق.
وفي بيان يوم الجمعة ، قال جويال إنه لم تكن هناك حالات إصابة كثيرة بالفيروس في الهند.
وأضاف "نحن نراقب الوضع باستمرار. في العام الماضي، لم تكن هناك زيادة في عدد الإصابات في شهر ديسمبر/ كانون أول".
وكان قد نشر المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، معلومات تُظهر ازديادا و ارتفاعاً ملحوظاً في التهابات الجهاز التنفسي خلال الأسبوع الممتد من 16 إلى 22 ديسمبر 2024؛ حيث ارتبط الفيروس بنسبة 6.2 % من نتائج الفحوصات الطبية الإيجابية لأمراض الجهاز التنفسي و5.4 % من حالات دخول المستشفيات نتيجة أمراض الجهاز التنفسي في الصين، متجاوزاً بذلك كوفيد-19 والراينوفيروس والفيروسات الغدية.
المرجع : بي بي سي